7 ـ مصطفى المسناوي / الأوطوروت
صفحة 1 من اصل 1
7 ـ مصطفى المسناوي / الأوطوروت
الأوطوروت
مصطفى المسناوي(المغرب)
كيف عرفت بوجود الأوطوروت لأول مرة:
في اللحظة التي تمددت فيها ـ بطولي ـ تماما على البساط و قلت إني أسعد شخص فوق هذا الكوكب التائه: شخص يملك شيئا يستطيع أن يدير في بابه مفتاحا و يتمدد على أرضه دون انثناء، في هذه اللحظة بالذات إنما ارتفع الجدار الغربي للبيت إلى السماء وسط دوي و هالة كثيفة من الغبار. و في اللحظة نفسها إنما رأيت الشمس الشاحبة و الرافعة الصفراء، و أخيرا ، المواطن ذا الرداء الأزلاق.
قال لي المواطن الأزرق: أنت محظوظ. لحست الغبار من شفتي فقال: أنت محظوظ لأنه لازال أمامك متسع من الوقت تجمع فيه حاجياتك و تذهب بعيدا قبل أن تسقط بقايا البيت عليك و تمر على جسدك الرافعات و آلات الحفر الأخرى. فنظرت إلى يد الرافعة و الجدار و فكرت في البيت الأول الذي التهمته النار و الثاني الذي غاب تحت المطر و قلت: أذهب بعيدا، إلى أين ؟ ف-لم يسكت و قال لي: هذا أمر يخصك و أنا شخصيا لا يدس أنفه في شؤون الآخرين. و رأيت يد الرافعة ترمي الجدار بعيدا و تستدير نحو البيت ثانية و قلت له: أستطيع جمع حاجياتي؟ فأجاب: كلا. لقد فات الوقت.اذهب قبل أن يفوت وقتك أنت أيضا. و قلت لنفسي: ألا زال وقتك قائما؟ ووددت أن أنظر إلى وجهي في مرآة و أقهقه حتى يموت قدر كاف من خلايا و يولد قدر كاف آخر. إلا أن أحجار السقف بدأت تسقط فابتعدت عن بيتي السابق و سألت المواطن الأزرق: هل أستطيع أن أعرف من أنت؟ فقال و هو ينقل يديه بين اللوالب و الأزرار: طبعا. نحن الأوطوروت. و الآن اذهب و لا تضيع وقتي.
ماذا جرى عندما سألت المواطن الأزرق عن اتجاه الأوطوروت:
و ابتعدت قليلا فرأيت بيتي السابق يتحول إلى أطلال، و راودني كثير من السف لأجل السواح الذين سيأتون في القرون القادمة فلا يجدون أثرا يزورونه مثلما نزور نحن الآن بيوت الأقدمين. و نظرت إلى ما يحيط بي فرايت عددا من الرافعات و هي ترفع الجدران بأذرعها و تدور حول نفسها مطلقة الغبار و الدوي و الدخان. وخطرت على بالي فكرة نهائية فعدت إلى المواطن الأزرق و قلت له: هل تستطيع أن تخبرني باتجاه الأوطوروت؟ فأوقف عمله تماما و ثبت عينيه على عيني و قال: ماذا تقول؟ قلت: لقد تعلمت كيف أبني بيتي بعيدا عن خطر النار ثم تعلمت كيف أبنيه بعيدا عن خطر الفيضان و الآن أريد أن أعرف كيف أبنيه بعيدا عن الأوطوروت. فقال لي: أنتم تسألون نفس السؤال و كأنكم ركبتم عليه. و تأملني مليا و هو ساكن، ثم أردف: دعني أقول لك، أنت مواطن طيب فاسمع مني هذا السر ولا تقله لأحد، قلت:همم؟ فقال: تستطيع ، و أنت مطمئن البال ، أن تعرف بأن الأوطوروت ليس لها اتجاه محدد. حقا إنها تبدأ من جهة ما. لكن لا أحد يستطيع بعد ذلك أن يحدد إلى أين تسير ولا أين تقف. و انحنيت على الرافعة سائلا بهمس متواطئ: كيف؟ فصمت لحظة و قال: أنا لا أفهم أغلب الأشياء و لذلك فأنا مرتاح. و على ما يظهر لي فإن من الأفضل لك أنت أيضا ألا تفهم. و ابتسم بسمة مقتصدة فابتسمت بسمة واسعة و غمزته بعيني قائلا: فهمت. فاستأنف عمله و قال: و الآن ، هيا، دعني أعمل. و قلت له وداعا و لم يقل شيئا فابتعدت عنه. و الحق أني لم أفهم شيئا البتة. إلا أن الشيء الوحيد الذي أحسست به هو أن ما من شيء خاف و أن المرء يوجد دائما على أعتاب المعرفة.
كيف صرت ضعيف السمع و البصر:
ثم أخذت وجهتي نحو البيوت التي لم تصلها الأوطوروت بعد. و مشيت مسافة طويلة حتى أحسست بالتعب فنظرت إلى الخلف و شاهدت أن الرافعات الصفراء لم تبتعد عني قط و رأيت أذرعها تنقض على البيوت فترفع جدرانها و تقذف بها جانبا. و تهيأ لي، بغتة، أنني أسمع صوت استغاثة مختنقة فأرهفت السمع لكني لم أميز سوى دوي الآلات و هي تعمل. فقلت: أنا على أعتاب الشيخوخة و حواس المرء تبدأ في الضعف عند هذه الأعتاب، فلعلني لم أسمع شيئا على وجه التحديد. و استأنفت سيري فارتفع الصراخ و كأنه يصدر مني هذه المرة فالتفت ثانية و بدا لي مواطنان ـ كان أحدهما رجلا و كان الثاني امرأة ـ محاصرين بأرفع رافعات أمام حائط إحدى البيوت التي لم يصلها دورها بعد و رافعة خامسة تمد يدها فتعصر جسميهما مع الحائط و تمزج الدم بالعظام و اللحم و الحشرجة. و أدرت رأسي نحو الطريق الممتدة أمامي و سرت و أكدت لنفسي: أنا شيخ الآن، و عيناي الكليلتان لا تقويان على رؤية أبعد من موقع خطوي. ثم إن الخلق كثير، و المواطنون لا يتقنون شيئا قدر إتقانهم للتناسل.
كيف فتحت فمي فانغلق من تلقاء ذاته:
و مررت في طريقي بعدد من البيوت الأخرى و قد جلس نساؤها و أطفالها أمام الأبواب في صمت مستسلمين للشمس و للذباب و هو يمتص من أجسادهم التعب و الميكروبات و يستريح،حين يتعب، على كروش الأطفال المنتفخة و على رؤوسهم التي امتلأت بأشياء الدنيا دون أن يبلي أصحابها سراويلهم على مقاعد الدرس بعد. و قالت امرأة: لو أن الموت يأتي فينتهي كل شيء مرة واحدة و إلى الأبد. و كان الآباء لا يقتلون أبناءهم إلا لأنهم يعتقدون بأنهم سيصبحون أطباء و مهندسين، و ذلك رغم أن من يعيش من الأبناء لا يقوم بغير افتعال المعارك أمام مكاتب التشغيل. و تذكرت الأوطوروت القادم ففتحت فمي لأحذرهم قبل فوات الزمان. إلا أنني أحسست به ينغلق من تلقاء ذاته: فقلت أن اللسان لا عظم به و أن الوظيفة التي خلق لها هي تحريك الأكل في الفم أثناء المضغ. و تذكرت عددا من الحكماء و الفلاسفة و أكملت طريقي باتجاه المنعطف.
كيف اصطدمت بالمواطن الرمادي و كيف عرفت أنه منهم:
و في المنعطف تماما وجدتني وجها لوجه مع مواطن يرتدي بذلة رمادية. حدت إلى اليمين مخليا له الطريق فحاد إلى اليمين. حدت إلى الشمال فحاد إلى الشمال. عدت فحدت إلى اليمين فعاد و حاد إلى اليمين. وعدت إلى اليسار فعاد إلى اليسار. وتجمع الغضب في جيوب عينيه فوقف و قال لي: معك أوراقك؟قلت: نعم، و أنت؟ فانتفخت جيوبه الأنفية و صرخ بي: أنا من يسأل لا أنت. فعرفت حينها أنه منهم و قلت له: إنني آسف و أنا أعتذر كل الاعتذار و لو كنت أعرف أنك ستأتي من هنا لذهبت من هناك و تركتك تمشي حسب رغبتك إن شئت شمالا و إن شئت يمينا أو جنوبا. فارتخت أذناه و قال: الآن، ناولني بطاقتك.
كيف قلت للمواطن الرمادي بأني معلق بين السماء و الأرض فأخبرني بوجود مساكن لمنكوبي الأوطوروت الناجين من الموت:
و ناولته البطاقة التي تحمل صورتي و رقمي و عنواني، فتأكد من رقمي و سألني: أين تسكن؟ و قلت : كنت أسكن بالعنوان المكتوب على ظهر البطاقة، إلا أنني الآن لا أسكن بأي مكان، بسبب أن الأوطوروت قد مرت على بيتي منذ لحظات، و بذلك فأنا أشبه الشخص المعلق بين السماء و الأرض. وقال لي: هل سبق لك أن علقت بين السماء و الأرض؟ قلت : كلا، و إنما أسمع الناس يقولون ذلك و أتخيله فيبدو لي أمرا غير مريح.فقال: حسنا. أنت محظوظ لأنك وجدتني أمامك. سوف أبعث بك إلى المساكن التي خصصناها لمنكوبي الأوطوروت الناجين من الموت. و تظاهرت بالفرح و سألته: هل ثمة منازل خاصة لنا فعلا؟ قال: نعم. منازل بكل ما يلزمها. قلت و أنا أفكر فيما إذا كان علي أن أستمر في التظاهر بالفرح: حقا؟ فقال لي: بماذا تفسر ندرة الدقيق و السكر و الشاي هذه الأيام؟ قلت: أنا لا أفسر شيئا. أنا مخلوق من مخلوقاته أقصى سعادته أن يأكل القوت و ينتظر الموت. وقال: سأجيبك أنا: أتعلم أن كل إنتاج البلاد أصبح يكفي بالكاد أولئك المنكوبين؟ قلت لا أعلم ذلك. و أردفت: و هل هم كثر إلى هذا الحد؟ فلم ينظر إلى وجهتي، و قال: سوف ترى ذلك بنفسك. و الآن سر مع هذا الشارع إلى نهايته و ادخل مع آخر باب تجده على يمينك و اسأل عن المواطن المكلف بقضايا المنكوبين. و شكرته بحرارة فسلمني البطاقة و قال: الآن هيا، و تجنب المنعطفات في المرات القادمة.
كيف أخذني المواطن الأصفر إلى السكن:
و سرت مع الشارع فعلا إلى نهايته،و دون أن أصادف في طريقي إنسا و لا جانا و لا حتى قططا متصارعة. و قلت لنفسي: لقد وصلت إلى نهاية العالم. و كان الشارع محصورا بسور ضخم و لا منفذ له. فنظرت إلى اليمين و رأيت حيطانا رمادية و نوافذ مقفلة و بابا واسعا مشرع الدفتين و كان الأخير في الصف فقلت: هو ذا، و دلفت منه فوجدت ردهة ملأى بمواطنين يرتدون أزياء صفراء و خضراء و اقترب مني مواطن برداء أخضر و قال: ماذا تريد؟ قلت: لا شيء. أنا فقط أسأل عن المواطن المكلف بقضايا المنكوبين. فقال: أنا هو بلحمه و دمه. ماذا تريد مني؟ قلت: أنا. البيت. الأوطوروت.قال: نعم فهمت، تعال أيها المواطن المنكوب. و أخذني نحو باب ينفتح على باطن الأرض و قال: اتبعني. و نزلت وراءه على درج ضيق يلتف حول نفسه إلى أن وصلنا إلى كهف يضيئه مصباح كهربائي ذابل يكشف عن مكتب جلس خلفه مواطن عار لا يرتدي أي زي و عن أبواب سوداء عدة. و قال المواطن الأخضر: مساء الخير. فقال المواطن العاري: صباح الخير. و نظر إلي فقلت: ظهر الخير. و قال المواطن الأخضر: هو ذا منكوب جديد يبحث عن سكن. فقال الآخر: مرحبا . أتمنى أن تعجبك مساكننا. و ابتسمت و أومأت برأسي..فسألني: هل معك ساعة؟ قلت كلا. و قال: هل معك نقود. قلت كلا. فقال: و الآن اخلع سيور حذائك. و اقترب مني المواطن الأصفر و مرر يديه على جيوبي و على باقي مناطق جسمي فلم يجد شيئا و قال: اخلع سيور حذائك. و انحنيت لأخلعها فوجدت رجلي حافيتين و تذكرت فقلت له: لقد نسيت الحذاء في البيت: لم يكن الوقت كافيا، و نظر إلى رجلي ووقف المواطن العاري و قال : حسنا، تعالى إلى هذه الجبهة. و تناول من فوق المكتب سلسلة من المفاتيح و فتح بإحداها أحد الأبواب في فرقعة شديدة و قال لي: ادخل. و تقدمت فلفحت وجهي الحرارة و رائحة البول العطن و دخان السجائر الملفوفة. فترددت و قلت: لعلكم على خطإ. فأنا أسأل عن مساكن منكوبي الأوطوروت. و قال: و هذه، ألم تعجبك، و دفعني من ظهري: تقدم أيها المنكوب. و أغلق الباب.
كيف عرفت بوجود الأوطوروت لأول مرة:
و بدأت عيناي تتعودان على المكان فرأيت عددا من المواطنين يحيطون بي و يحملقون في وجهي بعيونهم الجاحظة. و رأيت مصباحا كهربائيا ذاويا. و قال لي مواطن: كم سرقت؟ و قال صوت آخر: أنا لا أعرفه، لكنه قاتل من دون شك. و هتف ثالث: كلا أنا أعرفه، لقد كان يهرب الكيف. و تعالت أصواتهم. فقلت لهم: أنتم على خطإ، فأنا من منكوبي الأوطوروت. و نظروا إلى وجهي في صمت. و هتف مواطن ذو لحية بيضاء: الأوطوروت ! ما هي الأوطوروت؟ فضحك مواطن آخر و قال: ألا تعلم أيها المغفل. ثم أكمل و هو لا يزال يضحك: معناها...و حرك وسط جسمه و ذراعيه جركة ذات معنى. فانفجر كل الحاضرين بالضحك سوى المواطن ذي اللحية البيضاء الذي بدا أنه لم يفهم و سألني: شمهروش؟ ! و ازداد الضحك قوة و أخذ المواطنون يتساقطون على ظهورهم . و لم أعرف بماذا أجيبه. فسأل ثانية: يوم الحساب !؟ و أخذوا يركلون الهواء بأرجلهم و يسعلون فيبصقون الدم. و بغتة فرقع الباب و برز المواطن العريان و قال: ماذا يحصل؟ فساد الصمت لحظة، ووقف مواطن له شكل هيكل عظمي و قال: هذا الرجل قال لنا: أنتم كلكم هنا بسبب الأوطوروت. و فتحت فمي فعاد و انغلق و وقف مواطن آخر و قال: لقد ذكر لنا أن الأوطوروت حيلة لانتزاع أراضي الناس. و سألني المواطن العريان: أحقا، و أنت لم تدفئ مكانك بعد؟ قلت:كلا، لقد كانوا يقولون لي: ماهي الأوطوروت؟ فوقفوا جميعا و قالوا بصوت واحد: كلا. نحن نعرفها. فابتسم و أشار إلى جهتي، إذن قولوا له ماهي. فوضعوا جميعا أيديهم خلف ظهورهم باستثناء الرجل ذي اللحية البيضاء و هتفوا: الأوطوروت هي أقرب طريق إلى القمر. و قال لهم: حسن جدا. أعيدوا. و نظرت إلى المواطن الملتحي فلحظته مكوما في ركن من أركان المكان ينظر بصمت إلي و إلى المواطن العريان ثم إلى باقي المواطنين. و قال المواطن العريان موجها الكلام إلي: هل عرفت ماهي الأوطوروت؟قلت : نعم، هي أقرب طريق إلى الملايخ. قلم يقل لي أعد. وابتسم و قال: لا تضحكوا كثيرا فميعاد الأكل يقترب. و خرج ثم أقفل الباب.
وبدأ المواطنون يمتصون أصابعهم، فذهبت إلى المواطن الملتحي و جلست بجواره. فنظر إلى عيني و قال: ما هي الأوطوروت؟ و كانت نظرته حادة ملهوفة فلم أجد بدا من مصارحته فقلت له تحاشيا أن يسمعنا الآخرون أن الأوطوروت طريق طويلة معبدة تمر بها السيارات و الشاحنات حاملة السلع التي ينبغي حملها و الناس الذين ينبغي حملهم و قلت له أن الأوطوروت مرت فوق بيتي منذ لحظة و أنني أتيت هنا لأجل السكن إلا أنني أعتقد أنهم سوف يصنعون من جسمي قارا يعبدون به الطريق. و بذلك نعود إلى القار الذي أتينا منه في االبداية. و أمسكني المواطن ذو اللحية البيضاء من ذراعي و قال: كلا. ليست هذه هي الأوطوروت. و قلت: إذن ما هي؟ فقال: اسكت، و مد يده تحت جلده و أخرج قطعة من صفحة جريدة ووضعها بين يدي و قال: انظر. ونظرت فرأيت صورتين لعائلة سعيدة كتب على أولاها : هذه عائلة. و على ثانيتها: هذه مؤسسة . و لم ألحظ فرقا بين الصورتين، فقلت، الأوطوروت. و تأملت الأب يجلس على المقعد برزانة و الأم تقف مختالة وقورة و الأبناء يبتسمون و لا يعرفون شيئا غير الابتسام.فعاودتني الرعشة القديمة ونظرت إلى المواطن فوجدت عينيه تلتمعان و هما يبحثان في وجهي عن شيء ما. و لم أجبه وطويت الورقة. و تذكرت الوالد و الوالدة و الزمن البعيد. و تذكرت أن الأرض كرة و أن قبائل الأوروا لا تتكلم العربية. فاشتدت الرعشة. و ناولت الورقة إلى المواطن. و نظرت إلى عينيه. ثم نظرت إلى المواطنين الآخرين و هم يمتصون أصابعهم. و رفعت عيني إلى السقف فرأيت الأوطوروت قادمة. و أردت أن أهتف بالمواطن الأبيض: ها هي ذي انظر. و كانت الأوطوروت وحشا خرافيا بسبعين رأسا و بآلاف الأذرع. إلا أن لسانيثقل، و أعضائي انغرزت في الأرض. و قلت: الآن سأصرخ صرخة النهاية. و بدأت الرعشة تشتد فاهتزت الحيطان و اهتز الأشخاص. ورأيت الخيول و هي تركض أمام عيني فارة من السهام و هي تطارد أعناقها. ورأيت النجم القطبي و أربعة نجوم أخرى. ورأيت السفن و الثلج و الأتربة. ورأيت أشياء كثيرة، غير أن الرعشة تشتد تشتد تشتد. غير أن الرعشة تشتد....
أواخر سبتمبر 1977في اللحظة التي تمددت فيها ـ بطولي ـ تماما على البساط و قلت إني أسعد شخص فوق هذا الكوكب التائه: شخص يملك شيئا يستطيع أن يدير في بابه مفتاحا و يتمدد على أرضه دون انثناء، في هذه اللحظة بالذات إنما ارتفع الجدار الغربي للبيت إلى السماء وسط دوي و هالة كثيفة من الغبار. و في اللحظة نفسها إنما رأيت الشمس الشاحبة و الرافعة الصفراء، و أخيرا ، المواطن ذا الرداء الأزلاق.
قال لي المواطن الأزرق: أنت محظوظ. لحست الغبار من شفتي فقال: أنت محظوظ لأنه لازال أمامك متسع من الوقت تجمع فيه حاجياتك و تذهب بعيدا قبل أن تسقط بقايا البيت عليك و تمر على جسدك الرافعات و آلات الحفر الأخرى. فنظرت إلى يد الرافعة و الجدار و فكرت في البيت الأول الذي التهمته النار و الثاني الذي غاب تحت المطر و قلت: أذهب بعيدا، إلى أين ؟ ف-لم يسكت و قال لي: هذا أمر يخصك و أنا شخصيا لا يدس أنفه في شؤون الآخرين. و رأيت يد الرافعة ترمي الجدار بعيدا و تستدير نحو البيت ثانية و قلت له: أستطيع جمع حاجياتي؟ فأجاب: كلا. لقد فات الوقت.اذهب قبل أن يفوت وقتك أنت أيضا. و قلت لنفسي: ألا زال وقتك قائما؟ ووددت أن أنظر إلى وجهي في مرآة و أقهقه حتى يموت قدر كاف من خلايا و يولد قدر كاف آخر. إلا أن أحجار السقف بدأت تسقط فابتعدت عن بيتي السابق و سألت المواطن الأزرق: هل أستطيع أن أعرف من أنت؟ فقال و هو ينقل يديه بين اللوالب و الأزرار: طبعا. نحن الأوطوروت. و الآن اذهب و لا تضيع وقتي.
ماذا جرى عندما سألت المواطن الأزرق عن اتجاه الأوطوروت:
و ابتعدت قليلا فرأيت بيتي السابق يتحول إلى أطلال، و راودني كثير من السف لأجل السواح الذين سيأتون في القرون القادمة فلا يجدون أثرا يزورونه مثلما نزور نحن الآن بيوت الأقدمين. و نظرت إلى ما يحيط بي فرايت عددا من الرافعات و هي ترفع الجدران بأذرعها و تدور حول نفسها مطلقة الغبار و الدوي و الدخان. وخطرت على بالي فكرة نهائية فعدت إلى المواطن الأزرق و قلت له: هل تستطيع أن تخبرني باتجاه الأوطوروت؟ فأوقف عمله تماما و ثبت عينيه على عيني و قال: ماذا تقول؟ قلت: لقد تعلمت كيف أبني بيتي بعيدا عن خطر النار ثم تعلمت كيف أبنيه بعيدا عن خطر الفيضان و الآن أريد أن أعرف كيف أبنيه بعيدا عن الأوطوروت. فقال لي: أنتم تسألون نفس السؤال و كأنكم ركبتم عليه. و تأملني مليا و هو ساكن، ثم أردف: دعني أقول لك، أنت مواطن طيب فاسمع مني هذا السر ولا تقله لأحد، قلت:همم؟ فقال: تستطيع ، و أنت مطمئن البال ، أن تعرف بأن الأوطوروت ليس لها اتجاه محدد. حقا إنها تبدأ من جهة ما. لكن لا أحد يستطيع بعد ذلك أن يحدد إلى أين تسير ولا أين تقف. و انحنيت على الرافعة سائلا بهمس متواطئ: كيف؟ فصمت لحظة و قال: أنا لا أفهم أغلب الأشياء و لذلك فأنا مرتاح. و على ما يظهر لي فإن من الأفضل لك أنت أيضا ألا تفهم. و ابتسم بسمة مقتصدة فابتسمت بسمة واسعة و غمزته بعيني قائلا: فهمت. فاستأنف عمله و قال: و الآن ، هيا، دعني أعمل. و قلت له وداعا و لم يقل شيئا فابتعدت عنه. و الحق أني لم أفهم شيئا البتة. إلا أن الشيء الوحيد الذي أحسست به هو أن ما من شيء خاف و أن المرء يوجد دائما على أعتاب المعرفة.
كيف صرت ضعيف السمع و البصر:
ثم أخذت وجهتي نحو البيوت التي لم تصلها الأوطوروت بعد. و مشيت مسافة طويلة حتى أحسست بالتعب فنظرت إلى الخلف و شاهدت أن الرافعات الصفراء لم تبتعد عني قط و رأيت أذرعها تنقض على البيوت فترفع جدرانها و تقذف بها جانبا. و تهيأ لي، بغتة، أنني أسمع صوت استغاثة مختنقة فأرهفت السمع لكني لم أميز سوى دوي الآلات و هي تعمل. فقلت: أنا على أعتاب الشيخوخة و حواس المرء تبدأ في الضعف عند هذه الأعتاب، فلعلني لم أسمع شيئا على وجه التحديد. و استأنفت سيري فارتفع الصراخ و كأنه يصدر مني هذه المرة فالتفت ثانية و بدا لي مواطنان ـ كان أحدهما رجلا و كان الثاني امرأة ـ محاصرين بأرفع رافعات أمام حائط إحدى البيوت التي لم يصلها دورها بعد و رافعة خامسة تمد يدها فتعصر جسميهما مع الحائط و تمزج الدم بالعظام و اللحم و الحشرجة. و أدرت رأسي نحو الطريق الممتدة أمامي و سرت و أكدت لنفسي: أنا شيخ الآن، و عيناي الكليلتان لا تقويان على رؤية أبعد من موقع خطوي. ثم إن الخلق كثير، و المواطنون لا يتقنون شيئا قدر إتقانهم للتناسل.
كيف فتحت فمي فانغلق من تلقاء ذاته:
و مررت في طريقي بعدد من البيوت الأخرى و قد جلس نساؤها و أطفالها أمام الأبواب في صمت مستسلمين للشمس و للذباب و هو يمتص من أجسادهم التعب و الميكروبات و يستريح،حين يتعب، على كروش الأطفال المنتفخة و على رؤوسهم التي امتلأت بأشياء الدنيا دون أن يبلي أصحابها سراويلهم على مقاعد الدرس بعد. و قالت امرأة: لو أن الموت يأتي فينتهي كل شيء مرة واحدة و إلى الأبد. و كان الآباء لا يقتلون أبناءهم إلا لأنهم يعتقدون بأنهم سيصبحون أطباء و مهندسين، و ذلك رغم أن من يعيش من الأبناء لا يقوم بغير افتعال المعارك أمام مكاتب التشغيل. و تذكرت الأوطوروت القادم ففتحت فمي لأحذرهم قبل فوات الزمان. إلا أنني أحسست به ينغلق من تلقاء ذاته: فقلت أن اللسان لا عظم به و أن الوظيفة التي خلق لها هي تحريك الأكل في الفم أثناء المضغ. و تذكرت عددا من الحكماء و الفلاسفة و أكملت طريقي باتجاه المنعطف.
كيف اصطدمت بالمواطن الرمادي و كيف عرفت أنه منهم:
و في المنعطف تماما وجدتني وجها لوجه مع مواطن يرتدي بذلة رمادية. حدت إلى اليمين مخليا له الطريق فحاد إلى اليمين. حدت إلى الشمال فحاد إلى الشمال. عدت فحدت إلى اليمين فعاد و حاد إلى اليمين. وعدت إلى اليسار فعاد إلى اليسار. وتجمع الغضب في جيوب عينيه فوقف و قال لي: معك أوراقك؟قلت: نعم، و أنت؟ فانتفخت جيوبه الأنفية و صرخ بي: أنا من يسأل لا أنت. فعرفت حينها أنه منهم و قلت له: إنني آسف و أنا أعتذر كل الاعتذار و لو كنت أعرف أنك ستأتي من هنا لذهبت من هناك و تركتك تمشي حسب رغبتك إن شئت شمالا و إن شئت يمينا أو جنوبا. فارتخت أذناه و قال: الآن، ناولني بطاقتك.
كيف قلت للمواطن الرمادي بأني معلق بين السماء و الأرض فأخبرني بوجود مساكن لمنكوبي الأوطوروت الناجين من الموت:
و ناولته البطاقة التي تحمل صورتي و رقمي و عنواني، فتأكد من رقمي و سألني: أين تسكن؟ و قلت : كنت أسكن بالعنوان المكتوب على ظهر البطاقة، إلا أنني الآن لا أسكن بأي مكان، بسبب أن الأوطوروت قد مرت على بيتي منذ لحظات، و بذلك فأنا أشبه الشخص المعلق بين السماء و الأرض. وقال لي: هل سبق لك أن علقت بين السماء و الأرض؟ قلت : كلا، و إنما أسمع الناس يقولون ذلك و أتخيله فيبدو لي أمرا غير مريح.فقال: حسنا. أنت محظوظ لأنك وجدتني أمامك. سوف أبعث بك إلى المساكن التي خصصناها لمنكوبي الأوطوروت الناجين من الموت. و تظاهرت بالفرح و سألته: هل ثمة منازل خاصة لنا فعلا؟ قال: نعم. منازل بكل ما يلزمها. قلت و أنا أفكر فيما إذا كان علي أن أستمر في التظاهر بالفرح: حقا؟ فقال لي: بماذا تفسر ندرة الدقيق و السكر و الشاي هذه الأيام؟ قلت: أنا لا أفسر شيئا. أنا مخلوق من مخلوقاته أقصى سعادته أن يأكل القوت و ينتظر الموت. وقال: سأجيبك أنا: أتعلم أن كل إنتاج البلاد أصبح يكفي بالكاد أولئك المنكوبين؟ قلت لا أعلم ذلك. و أردفت: و هل هم كثر إلى هذا الحد؟ فلم ينظر إلى وجهتي، و قال: سوف ترى ذلك بنفسك. و الآن سر مع هذا الشارع إلى نهايته و ادخل مع آخر باب تجده على يمينك و اسأل عن المواطن المكلف بقضايا المنكوبين. و شكرته بحرارة فسلمني البطاقة و قال: الآن هيا، و تجنب المنعطفات في المرات القادمة.
كيف أخذني المواطن الأصفر إلى السكن:
و سرت مع الشارع فعلا إلى نهايته،و دون أن أصادف في طريقي إنسا و لا جانا و لا حتى قططا متصارعة. و قلت لنفسي: لقد وصلت إلى نهاية العالم. و كان الشارع محصورا بسور ضخم و لا منفذ له. فنظرت إلى اليمين و رأيت حيطانا رمادية و نوافذ مقفلة و بابا واسعا مشرع الدفتين و كان الأخير في الصف فقلت: هو ذا، و دلفت منه فوجدت ردهة ملأى بمواطنين يرتدون أزياء صفراء و خضراء و اقترب مني مواطن برداء أخضر و قال: ماذا تريد؟ قلت: لا شيء. أنا فقط أسأل عن المواطن المكلف بقضايا المنكوبين. فقال: أنا هو بلحمه و دمه. ماذا تريد مني؟ قلت: أنا. البيت. الأوطوروت.قال: نعم فهمت، تعال أيها المواطن المنكوب. و أخذني نحو باب ينفتح على باطن الأرض و قال: اتبعني. و نزلت وراءه على درج ضيق يلتف حول نفسه إلى أن وصلنا إلى كهف يضيئه مصباح كهربائي ذابل يكشف عن مكتب جلس خلفه مواطن عار لا يرتدي أي زي و عن أبواب سوداء عدة. و قال المواطن الأخضر: مساء الخير. فقال المواطن العاري: صباح الخير. و نظر إلي فقلت: ظهر الخير. و قال المواطن الأخضر: هو ذا منكوب جديد يبحث عن سكن. فقال الآخر: مرحبا . أتمنى أن تعجبك مساكننا. و ابتسمت و أومأت برأسي..فسألني: هل معك ساعة؟ قلت كلا. و قال: هل معك نقود. قلت كلا. فقال: و الآن اخلع سيور حذائك. و اقترب مني المواطن الأصفر و مرر يديه على جيوبي و على باقي مناطق جسمي فلم يجد شيئا و قال: اخلع سيور حذائك. و انحنيت لأخلعها فوجدت رجلي حافيتين و تذكرت فقلت له: لقد نسيت الحذاء في البيت: لم يكن الوقت كافيا، و نظر إلى رجلي ووقف المواطن العاري و قال : حسنا، تعالى إلى هذه الجبهة. و تناول من فوق المكتب سلسلة من المفاتيح و فتح بإحداها أحد الأبواب في فرقعة شديدة و قال لي: ادخل. و تقدمت فلفحت وجهي الحرارة و رائحة البول العطن و دخان السجائر الملفوفة. فترددت و قلت: لعلكم على خطإ. فأنا أسأل عن مساكن منكوبي الأوطوروت. و قال: و هذه، ألم تعجبك، و دفعني من ظهري: تقدم أيها المنكوب. و أغلق الباب.
كيف عرفت بوجود الأوطوروت لأول مرة:
و بدأت عيناي تتعودان على المكان فرأيت عددا من المواطنين يحيطون بي و يحملقون في وجهي بعيونهم الجاحظة. و رأيت مصباحا كهربائيا ذاويا. و قال لي مواطن: كم سرقت؟ و قال صوت آخر: أنا لا أعرفه، لكنه قاتل من دون شك. و هتف ثالث: كلا أنا أعرفه، لقد كان يهرب الكيف. و تعالت أصواتهم. فقلت لهم: أنتم على خطإ، فأنا من منكوبي الأوطوروت. و نظروا إلى وجهي في صمت. و هتف مواطن ذو لحية بيضاء: الأوطوروت ! ما هي الأوطوروت؟ فضحك مواطن آخر و قال: ألا تعلم أيها المغفل. ثم أكمل و هو لا يزال يضحك: معناها...و حرك وسط جسمه و ذراعيه جركة ذات معنى. فانفجر كل الحاضرين بالضحك سوى المواطن ذي اللحية البيضاء الذي بدا أنه لم يفهم و سألني: شمهروش؟ ! و ازداد الضحك قوة و أخذ المواطنون يتساقطون على ظهورهم . و لم أعرف بماذا أجيبه. فسأل ثانية: يوم الحساب !؟ و أخذوا يركلون الهواء بأرجلهم و يسعلون فيبصقون الدم. و بغتة فرقع الباب و برز المواطن العريان و قال: ماذا يحصل؟ فساد الصمت لحظة، ووقف مواطن له شكل هيكل عظمي و قال: هذا الرجل قال لنا: أنتم كلكم هنا بسبب الأوطوروت. و فتحت فمي فعاد و انغلق و وقف مواطن آخر و قال: لقد ذكر لنا أن الأوطوروت حيلة لانتزاع أراضي الناس. و سألني المواطن العريان: أحقا، و أنت لم تدفئ مكانك بعد؟ قلت:كلا، لقد كانوا يقولون لي: ماهي الأوطوروت؟ فوقفوا جميعا و قالوا بصوت واحد: كلا. نحن نعرفها. فابتسم و أشار إلى جهتي، إذن قولوا له ماهي. فوضعوا جميعا أيديهم خلف ظهورهم باستثناء الرجل ذي اللحية البيضاء و هتفوا: الأوطوروت هي أقرب طريق إلى القمر. و قال لهم: حسن جدا. أعيدوا. و نظرت إلى المواطن الملتحي فلحظته مكوما في ركن من أركان المكان ينظر بصمت إلي و إلى المواطن العريان ثم إلى باقي المواطنين. و قال المواطن العريان موجها الكلام إلي: هل عرفت ماهي الأوطوروت؟قلت : نعم، هي أقرب طريق إلى الملايخ. قلم يقل لي أعد. وابتسم و قال: لا تضحكوا كثيرا فميعاد الأكل يقترب. و خرج ثم أقفل الباب.
وبدأ المواطنون يمتصون أصابعهم، فذهبت إلى المواطن الملتحي و جلست بجواره. فنظر إلى عيني و قال: ما هي الأوطوروت؟ و كانت نظرته حادة ملهوفة فلم أجد بدا من مصارحته فقلت له تحاشيا أن يسمعنا الآخرون أن الأوطوروت طريق طويلة معبدة تمر بها السيارات و الشاحنات حاملة السلع التي ينبغي حملها و الناس الذين ينبغي حملهم و قلت له أن الأوطوروت مرت فوق بيتي منذ لحظة و أنني أتيت هنا لأجل السكن إلا أنني أعتقد أنهم سوف يصنعون من جسمي قارا يعبدون به الطريق. و بذلك نعود إلى القار الذي أتينا منه في االبداية. و أمسكني المواطن ذو اللحية البيضاء من ذراعي و قال: كلا. ليست هذه هي الأوطوروت. و قلت: إذن ما هي؟ فقال: اسكت، و مد يده تحت جلده و أخرج قطعة من صفحة جريدة ووضعها بين يدي و قال: انظر. ونظرت فرأيت صورتين لعائلة سعيدة كتب على أولاها : هذه عائلة. و على ثانيتها: هذه مؤسسة . و لم ألحظ فرقا بين الصورتين، فقلت، الأوطوروت. و تأملت الأب يجلس على المقعد برزانة و الأم تقف مختالة وقورة و الأبناء يبتسمون و لا يعرفون شيئا غير الابتسام.فعاودتني الرعشة القديمة ونظرت إلى المواطن فوجدت عينيه تلتمعان و هما يبحثان في وجهي عن شيء ما. و لم أجبه وطويت الورقة. و تذكرت الوالد و الوالدة و الزمن البعيد. و تذكرت أن الأرض كرة و أن قبائل الأوروا لا تتكلم العربية. فاشتدت الرعشة. و ناولت الورقة إلى المواطن. و نظرت إلى عينيه. ثم نظرت إلى المواطنين الآخرين و هم يمتصون أصابعهم. و رفعت عيني إلى السقف فرأيت الأوطوروت قادمة. و أردت أن أهتف بالمواطن الأبيض: ها هي ذي انظر. و كانت الأوطوروت وحشا خرافيا بسبعين رأسا و بآلاف الأذرع. إلا أن لسانيثقل، و أعضائي انغرزت في الأرض. و قلت: الآن سأصرخ صرخة النهاية. و بدأت الرعشة تشتد فاهتزت الحيطان و اهتز الأشخاص. ورأيت الخيول و هي تركض أمام عيني فارة من السهام و هي تطارد أعناقها. ورأيت النجم القطبي و أربعة نجوم أخرى. ورأيت السفن و الثلج و الأتربة. ورأيت أشياء كثيرة، غير أن الرعشة تشتد تشتد تشتد. غير أن الرعشة تشتد....
قام برقن النص الأستاذ الغرباوي (المرجو ذكر المصدر عند نقل النص.)
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى