moultaka al hakyi
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

6 ـ زهير جبور / ذبحنا الطيور و هي تغرد

اذهب الى الأسفل

6 ـ زهير جبور / ذبحنا الطيور و هي تغرد Empty 6 ـ زهير جبور / ذبحنا الطيور و هي تغرد

مُساهمة من طرف Admin الثلاثاء فبراير 26, 2008 8:52 pm

ـ 6 ـ

ذبحنا الطيور وهي تغرد

زهير جبور

6 ـ زهير جبور / ذبحنا الطيور و هي تغرد Zouhai10

بلاد للضحك... بلاد للتحديق‏
تنويه:‏
هذه ليست قصة قصيرة، أو طويلة، وهي غير صالحة للمناقشة أو المطالعة، والموضوع بما فيه،‏
أن الرجل عاد إلى بلاده بعد شوق طويل...‏
قبّل الأرض. استنشق الهواء. وفرح.‏
الطائرة:‏
بين ممرات الورد التي شهدت بداية الحب، سيحدثها عن الغربة، وإلى جانب بحيرة البط سيجلسان. وعبر طريق الياسمين سيعودان إلى حيهما الشعبي. سوف يعاتبها برقة من أجل الرسائل والردود، وسيأكل من طعام أمه، ويشم رائحتها.‏
ومع (معتز) صديق الطفولة، سيشرب الشاي آه.. كم هو بشوق لكل هذه التفاصيل.. يرجى شدّ الأحزمة إستعداداً للهبوط.‏
المطار:‏
لم ير أمه وأخته والأصدقاء، لم يشاهد معتزاً... معتز لم يحضر إلى المطار، شيء عجيب!‏
قدّر أن البرقية لم تصل، أو أن حدثاً ما قد حصل.. أنجز إجراءات الدخول، جفّف عرقه عدة مرات، أجاب عن أسئلة كثيرة وجهت إليه، ثم خرج من قيود الأختام والتواقيع، قبّل الأرض، واستنشق الهواء و فرح.‏
العربة:‏
طلب من سائق العربة العامة مضاعفة السرعة سأله:‏
كيف أحوالكم ؟‏
رفع السائق صوت الراديو.‏
قال:‏
-ما اسم المغنية؟‏
إنتظر الجواب الذي لم يرد، وحدق في وجه السائق الصامت! ثم حول بصره حيث إمتداد الشارع فلاحظ التبدل، وشدّه الجدار الرخاميّ الذي قسم المدينة.‏
-ما هذا الجدار؟.‏
أثار أعصابه صمت السائق، وتجاوز الحالة حين تنبه لصوت الراديو، وهو يعدّد فوائد الضحك وأصيب بدهشة حين غاب السائق في نوبة من القهقهات المتواصلة، التي تبدو مصطنعة. رفض السائق تغيير مؤشر الراديو.‏
أبعد يده بحركة نزقة، وهو لم يزل يضحك بصوت مرتفع.‏
قال الراديو:‏
بعد قليل نتابع برنامج الضحك.‏
إلتفت إلى ضحكات السائق، ثم تكلم بصوت حذر. منخفض جداً.‏
-منذ متى وأنت في الخارج؟‏
-عشر سنوات.‏
دخلت العربة أزقة الأحياء الشعبية، التي بقيت على حالها، ثمة هدوء، وأوراق نعي على الجدران.‏
أبو نبهان:‏
أسرع صوب أبي نبهان ليعانقه، إستقبله الآخر بفتور وعدم إكتراث.‏
صرخ:‏
-هل نسيتني يا عمي؟ أنا..‏
كان السائق يفرغ حمولة العربة، ويتابع ما يجري عبر نظراته المتلاحقة.‏
إبتعد أبو نبهان سمّان الحي، متجاهلاً وجوده. وقف كالأبله لا يعرف كيف يتصرف؟‏
رفع أبو نبهان صوت الراديو، وغادر العربة.‏
البيت:‏
إنتظر من أخته المستلقية على الكنبة العريضة مبادرة ما تعبر عن فرحها بقدومه، إكتفت بتغطية ساقها المكشوفة، وبقيت على حالها، تستمع إلى الراديو.‏
فيما أمه مشغولة بحبات سبحتها، وصورة والده المتوفى معلقة على الجدار كما تركها.‏
قالت أمه:‏
-أنت وصلت؟‏
-كما ترين!‏
قالها: بعصبية ممزوجة بالإستنكار، والمزيد من الدهشة.‏
قالت أمه:‏
-إذن إجلس، واستمع معنا.‏
قالت أخته بغنج:‏
-إنتظرناك طويلاً لنسمع سوياً.‏
رد بهدوء :‏
-من غير الطبيعي أن أستقبل هكذا.‏
أجابت أمه:‏
-لا تعليمات بهذا الخصوص.‏
كرر كلمة: نعم !.. نعم!.‏
وضعت أمه إصبعها على شفتيها، وأشارت بما معناه /هس/ /هس/‏
وكان الراديو يقول:‏
(ينشط عضلات الوجه، يوسع شرايين القلب إضحكوا الآن... إضحكوا أكثر)‏
إرتفقت ضحكات أمه وأخته، إرتفعت أكثر..‏
قال الراديو:‏
(توقفوا.. سنعود إلى وضع التحديق)‏
شاهد التقاطيع التي ارتسمت على وجه السائق وأبي نبهان والمارّة.‏
خاطب نفسه، إن ما يجري يخضع لاعتبارات أكبر من مشاعره التي تتمزق، وعليه إنتظار النتائج، لقد سمع في بلاد الغربة عن شيء ما يحدث هنا، ولم يتوقعه بهذا الحجم.‏
قال الراديو.‏
(والآن لنستمع إلى الأغنية، وهي من أجل المتعة) راحت أخته تتمايل مع اللحن بإثارة، وتلامس بأناملها أجزاء من جسدها المستمتع، والمغنية تقول:‏
(ضحكني حبيبي على شط البحر‏
ضحكني جنب النهر‏
ياويلي من حبو المر‏
ضحكني جنب النهر‏
وأليّ عم دبر مهر)‏
أبو العز‏
أطل أبو العز وهو يضحك بصخب... فأدرك أنها حالة الضحك.‏
ألقى أبو العز نظرات خرساء، لامعنى لها، وأغلق باب البيت بعنف.‏
وضع اصبعه على ضاغط الجرس مره أخرى. فأطلّ أبو العز مجدداً، وعلى وجهه تقاطيع التحديق فحدق، وأضاف حركه أمه /هس/هس/‏
ثم أغلق الباب بعنف.‏
المقهى:‏
جلس في مقهى الحي، يراقب الوجوه التي يعرفها جيداً. حاول أن يتحدث مع صديق قديم لوالده، ففشل.‏
طلب القهوة.‏
يقول الراديو:‏
(ننظر إلى الأعلى، ونركز بصرنا في نقطة محددة) إرتفعت النظرات، تركزت في النقطة. تحول الناس إلى أجساد لا حياة فيها ما عدا دقات القلوب المسموعة في هذا التحديق الضمني المرعب.‏
قال الراديو:‏
(اضحكوا بصوت منخفض واجعلوه يعلو رويداً... رويداً) بدأ الضحك الخافت يعلو.‏
وقف كالمجنون، وهو محاط بأصوات القهقهات العالية. داهمه صداع حاد، وكانت الخيبة قد إغتالت فرحه وشعر أن عذاب الغربة أرحم من هذا العذاب الذي يحياه الآن.‏
المكتبة:‏
فكر بزيارتها، تجنب التفكير بها، فهو سيراها إما ضاحكة أو محدقة، وأمام مكتبة الحي إستعاد ذكرياته، فمن هنا اشترى أقلام الرصاص والدفاتر، وطالع عناوين الكتب المعروضة: (كيف نضحك) (تاريخ الضحك) (الصحة والضحك) (الأغنية والضحك) (هم الذين ضحكوا) (السياسة بالضحك) (الشعب والضحك) (أطول ضحكة في العالم) (ديمقراطية الضحك) (الاشتراكية والضحك) وطالع في الجريدة اليومية "برنامج الضحك المقرر للأسبوع القادم"‏
وأكدت الجريدة ضرورة متابعة الراديو دون انقطاع وتنفيذ المطلوب تحقيقاً لأنظمة الضحك، أو التحديق فيما يخص بهجة الفرد.‏
ثم اشترى كتاب (كيف الضحك) بثمن مرتفع جداً‏
الضحك:‏
إرتفع صوت ضحكه في البيت، قالت أمه:‏
-يضحك بفوضى، وهذا ما يسيء لسمعتنا.‏
قرر أن يعود إلى بلاد الغربة.‏
قالت أمه:‏
-ينبغي أن تنظم ضحكك.‏
قدمت إليه (راديو)‏
-خذ هذا تحقيقاً لشعار "لكل مواطن مذياع".‏
قال له الموظف بجدية:‏
-لا تستطيع السفر.‏
سأله:‏
-لماذا؟‏
أجاب بغضب:‏
-لأنك عدت، ومن يعد فعليه أن يبقى، والقانون صريح، إسمع الراديو ونفّذْ‏
قال الراديو:‏
(إتركوا أعمالكم، واتجهوا على دفعات إلى المراحيض لتفريغ مثاناتكم، نكرر: المثانات فقط، لإن تفريغها الآن يبعث الراحة)‏
صار يضحك، ويقفز كالبهلوان من مكان إلى آخر، و هو يصرخ...‏
-ما هي الحركة التالية لننفذها معاً؟‏
حدقوا (ها... ها ... ها..) إضحكوا (ها..ها..ها..) فرغوا مثاناتكم من أجل الراحة (ها...ها..) نفذوا (ها ...ها...ها...)‏
إقترب منه رجل طويل القامة، قوي العضلات، بدت عليه مزايا الديمقراطية.‏
قال له بكثير من الوقار:‏
-إنها حركة التحديق، نفذ كما تسمع، ولا تحدث فوضى.‏
حدّق في وجه الرجل... ثم ضحك، ثم قفز عدة قفزات، ثم ارتمى على الأرض وهو يضحك، ثم نهض، ثم حدق، ثم تلقى لكمة قوية على أنفه، فسال الدم، ولكمه أخرى، وركلة قدم على البطن...‏
حاول النهوض، لم يتمكن... فقد التوازن، وغاب عن الوعي.‏
وكان الراديو يقول:‏
(إليكم الآن الحركة التالية)...‏
1994

بطاقة تعريف أدبية
ولد في القنيطرة عام 1948.
نزح منها في نكسة حزيران عام 1967.عمل في عدة مجالات أدبية، وصحفية. وشارك في تحرير صحف ومجلات سورية.
عمل أمين سر فرع اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية.ومديراً لمكتب جريدة البعث، ثم رئيساً لفرع اتحاد الصحفيين في اللاذقية وطرطوس.ومعداً لبرامج التلفزيون في الساحل السوري. ورئيساً لفرع اتحاد الكتاب العرب في اللاذقية.وعمل في (السيناريو) التلفزيوني.
من مؤلفاته:
1- الحلم مرة أخرى - قصص - دمشق 1978.
2- الورد الآن والسكين - قصص - دمشق 1979.
3- الوقت - قصص - دمشق 1981.
4- حصار الزمن الأخير - قصص - دمشق 1984.
5-رذاذ المطر - قصص - اللاذقية 1988.
6- مياه آسنة من أجل الأسفنج - رواية طويلة. مع مجموعة قصصية هي ذبحنا الطيور وهي تغرد - 1998.
و في سنة 2006 أصدر كتابه:يحيكون زهراً لموتنا
Admin
Admin
Admin

المساهمات : 32
تاريخ التسجيل : 11/02/2008
الموقع : ملتقى الحكي

https://hakyi.bbactif.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى